نادي الاهلي السعودي: تاريخ عريق ومستقبل واعد
- مقدمة عن قلعة الكؤوس
- التأسيس والسنوات الأولى
- العصور الذهبية والإنجازات الكبرى
- السيطرة المحلية: بطولات الدوري والكأس
- المشاركات القارية والإنجاز الآسيوي الأخير
- أساطير صنعت التاريخ
- الملاعب والمرافق
- الجماهير: القلب النابض للراقي
- المستقبل: طموحات لا تتوقف
- ختام المسيرة وتطلع للمجد المستمر
مقدمة عن قلعة الكؤوس
نادي الاهلي السعودي، هذا الاسم الذي يحمل ثقلاً تاريخياً وجماهيرياً كبيراً في المملكة العربية السعودية والوطن العربي. عندما أسمع اسم الأهلي، يتبادر إلى ذهني على الفور تاريخ طويل من المجد والإنجازات التي جعلت منه “قلعة الكؤوس”. لطالما كان النادي الأهلي السعودي رمزاً للتنافس الشريف والروح الرياضية العالية، ومصنعاً للمواهب الكروية التي خدمت الكرة السعودية لسنوات طويلة. في هذه المقالة، سنغوص في أعماق تاريخ هذا النادي العريق، نستعرض أبرز محطاته، بطولاته، أساطيره، ونتطلع إلى مستقبله الواعد تحت مظلة التطور الرياضي الكبير في المملكة.
التأسيس والسنوات الأولى
تأسس النادي الأهلي في 17 مارس من عام 1937 ميلادي في مدينة جدة الساحرة، ليصبح بذلك أحد أقدم الأندية في المملكة. كانت فكرة تأسيس النادي نابعة من مجموعة من الشبان الشغوفين بالرياضة في مدرسة الفلاح بجدة، ومن أبرز هؤلاء المؤسسين حسن شمس وعبدالرؤوف بترجي. من هنا، بدأت رحلة النادي الأهلي نحو الريادة، مدفوعاً بطموح أبنائه ورغبتهم في بناء كيان رياضي قوي يمثل مدينتهم ووطنهم خير تمثيل. في سنواته الأولى، واجه النادي تحديات مختلفة، لكن الإصرار والعزيمة كانت السمة الغالبة، مما مهد الطريق لإنجازات قادمة.
كان المقر الأول للنادي يقع في قلب مدينة جدة، وتحديداً في شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية)، وهو موقع استراتيجي زاد من ارتباط النادي بمدينته وجماهيره. أتخيل كيف كانت تلك الأيام الأولى، حيث يجتمع الشباب وتتولد الأحلام الرياضية الكبيرة التي شكلت نواة ما نراه اليوم.
العصور الذهبية والإنجازات الكبرى
مر النادي الأهلي السعودي بالعديد من الفترات الذهبية في تاريخه، التي شهدت هيمنته على البطولات وتحقيقه إنجازات غير مسبوقة. من أبرز هذه الفترات الستينات والسبعينات الميلادية، حيث حقق الفريق العديد من ألقاب الدوري والكأس، ليثبت نفسه كقوة لا يستهان بها في الساحة الكروية السعودية.
يُعرف الأهلي بكونه أول نادٍ سعودي يجمع بين لقب الدوري وكأس الملك في موسم واحد، وقد حقق هذا الإنجاز مرتين، الأولى عام 1978 والثانية عام 2016. كما أنه النادي الوحيد الذي تمكن من تحقيق الثلاثية المحلية في موسم واحد (الدوري، كأس الملك، كأس السوبر) وكان ذلك في موسم 2016 التاريخي. هذه الإنجازات لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتاج عمل دؤوب وتخطيط سليم ودعم كبير من رجالات النادي على مر التاريخ، وعلى رأسهم الأمير عبدالله الفيصل الذي يُعتبر الأب الروحي للنادي.

This image is a fictional image generated by GlobalTrendHub.
السيطرة المحلية: بطولات الدوري والكأس
يمتلك الأهلي السعودي سجلاً حافلاً في البطولات المحلية، مما يؤكد مكانته كأحد “كبار” الكرة السعودية الأربعة. حقق الأهلي لقب الدوري السعودي بتسع ألقاب في مختلف مسمياته. أما في بطولة كأس الملك، فالأهلي هو النادي الأكثر تتويجاً باللقب برصيد 13 بطولة. هذا الرقم بحد ذاته يتحدث عن هيمنة أهلاوية واضحة على أغلى الكؤوس المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، فاز الأهلي بكأس ولي العهد ست مرات، وكأس الاتحاد السعودي (كأس الأمير فيصل بن فهد لاحقاً) أربع مرات، وكأس السوبر السعودي مرة واحدة. هذه البطولات المحلية المتعددة ترسخ لقب “قلعة الكؤوس” الذي يفتخر به عشاق أهلي جدة، ويعكس قوة الفريق وقدرته على المنافسة على جميع الألقاب المحلية المتاحة.
المشاركات القارية والإنجاز الآسيوي الأخير
لم يقتصر طموح النادي الأهلي على الساحة المحلية، بل امتد ليشمل المشاركات القارية والإقليمية. شارك الأهلي في العديد من نسخ بطولة دوري أبطال آسيا، ووصل إلى المباراة النهائية مرتين من قبل في نسختي 1985-86 و2012. ورغم عدم التوفيق في التتويج حينها، إلا أن الفريق الأهلاوي كان دائماً حاضراً بقوة في المشهد القاري.
وفي إنجاز تاريخي يُضاف إلى سجل النادي الحافل، توج النادي الأهلي السعودي بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة 2024-2025، وذلك بعد فوزه في المباراة النهائية على كاواساكي فرونتال الياباني بهدفين دون رد في 3 مايو 2025. هذا اللقب القاري الأول في تاريخ الأهلي يمثل لحظة فارقة طال انتظارها للجماهير الأهلاوية، ويؤكد عودة الراقي بقوة للمنافسة على أعلى المستويات في آسيا. لقد شعرت بفرحة غامرة وأنا أرى الفريق يتوج بهذا اللقب المستحق، فهو تتويج لجهود سنوات طويلة. كما حقق الأهلي ثلاثة ألقاب في كأس الخليج للأندية ولقب وحيد في كأس العرب للأندية الأبطال.
أساطير صنعت التاريخ
على مر الأجيال، ارتدى قميص النادي الأهلي السعودي العديد من اللاعبين الذين تركوا بصمة لا تُمحى في تاريخ النادي والكرة السعودية. من الصعب حصر جميع الأساطير، لكن يمكننا ذكر بعض الأسماء اللامعة. لاعبون مثل خالد مسعد وحسين عبدالغني وتيسير الجاسم وعبدالرزاق أبو داود ومحمد عبدالجواد وأحمد عيد، وغيرهم الكثير، قدموا سنوات من العطاء والإبداع وساهموا في تحقيق العديد من البطولات. هؤلاء هم اللاعبون الذين نشأنا ونحن نشاهد إبداعاتهم، ولهم مكانة خاصة في قلوب الجماهير الأهلاوية.
كما كان للأهلي شرف استضافة وارتداء قميصه لنجوم عالميين في مباريات ودية وتكريمية، مثل الأساطير بيليه ومارادونا ويوهان كرويف، في لفتات تاريخية لا تُنسى. وفي السنوات الأخيرة، انضم إلى صفوف الفريق لاعبون كبار على مستوى العالم، مثل المهاجم السوري عمر السومة الذي يُعد الهداف التاريخي للدوري السعودي للمحترفين، والبرازيلي روبرتو فيرمينو، والجزائري رياض محرز، والتركي ميري ديميرال، والإيفواري فرانك كيسي، والبرازيلي روجر إيبانيز. هؤلاء النجوم يضيفون قيمة فنية كبيرة للفريق ويجعلون مشاهدة مباريات أهلي جدة متعة حقيقية.
الملاعب والمرافق
يخوض النادي الأهلي السعودي مبارياته الرسمية على ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة، والمعروف باسم “الجوهرة المشعة”. هذا الملعب العملاق الذي يتسع لأكثر من 62 ألف متفرج يشترك فيه الأهلي مع غريمه التقليدي الاتحاد، ويشهد مباريات قوية وحضوراً جماهيرياً كبيراً.
يمتلك النادي أيضاً ملعبه الخاص داخل مقر النادي، وهو ملعب الأمير عبدالله الفيصل الذي يتسع لحوالي 20 ألف متفرج، ويُستخدم للمباريات الأقل أهمية أو التدريبات. بالإضافة إلى ذلك، يضم مقر النادي مرافق رياضية متكاملة وأكاديمية حديثة لكرة القدم تُعنى بتطوير المواهب الشابة، وهي أول أكاديمية كرة قدم في السعودية وحصلت على ترخيص رسمي عام 2006. هذه المرافق المتطورة تساهم بشكل كبير في بناء مستقبل النادي.

This image is a fictional image generated by GlobalTrendHub.
الجماهير: القلب النابض للراقي
لا يمكن الحديث عن النادي الأهلي السعودي دون الإشارة إلى جماهيره الوفية والعاشقة التي تُعد القلب النابض للنادي. يُلقب جمهور الأهلي بـ”الملكي” و”الراقي” و”معقل الأسود”، وهم معروفون بشغفهم الكبير ودعمهم اللامحدود للفريق في السراء والضراء. في المباريات الهامة، تمتلئ مدرجات “الجوهرة المشعة” بالجماهير الأهلاوية التي تهتف وتشجع الفريق بحماس لا ينقطع، لتصنع لوحات فنية رائعة في المدرجات.
أتذكر شخصياً العديد من المباريات التي كانت فيها الجماهير هي اللاعب رقم واحد، تدفع الفريق نحو تحقيق الانتصار بإصرارها وهتافاتها. هذه الجماهير هي كنز النادي الحقيقي وقوته الدافعة نحو المزيد من الإنجازات. وجود “ألتراس الملكي” أيضاً يعكس التنظيم والشغف الكبير لهذه القاعدة الجماهيرية العريضة.
المستقبل: طموحات لا تتوقف
يشهد النادي الأهلي السعودي في الفترة الحالية مرحلة جديدة ومهمة في تاريخه، خصوصاً بعد انتقال ملكيته إلى صندوق الاستثمارات العامة بنسبة 75%، كجزء من مشروع التحول الكبير في الرياضة السعودية. هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز مكانة النادي وتطويره على كافة الأصعدة، سواء الفنية أو الإدارية أو الاستثمارية.
من أبرز ملامح المستقبل الذي يعمل عليه النادي حالياً، مشروع بناء مدينة رياضية متكاملة جديدة في جدة على مساحة 250 ألف متر مربع، مما يعكس الطموح الكبير للنادي نحو توفير أفضل البيئات للاعبين والجماهير. كما يسعى النادي إلى تنويع مصادر الدخل وتحسين الحوكمة وتعزيز الاستدامة المالية. على الصعيد الفني، يستمر النادي في تدعيم صفوفه باللاعبين المميزين، ويهدف إلى المنافسة بقوة على جميع البطولات المحلية والقارية في المواسم القادمة.
ختام المسيرة وتطلع للمجد المستمر
في الختام، يظل نادي الاهلي السعودي قصة نجاح كروية سعودية بامتياز، يمتد تاريخه لأكثر من ثمانية عقود من الإنجازات والشغف الجماهيري. من التأسيس المتواضع في مدرسة الفلاح إلى التتويج القاري الأخير، أثبت الأهلي قدرته على التكيف والتطور ومواصلة مسيرته نحو المجد. “قلعة الكؤوس” ليس مجرد اسم، بل هو واقع يؤكده عدد البطولات الهائل الذي حققه النادي في مختلف الألعاب. مع الدعم الكبير الذي يحظى به النادي حالياً والرؤية الواضحة للمستقبل، أعتقد أن النادي الأهلي السعودي قادر على تحقيق المزيد والمزيد من الإنجازات وإسعاد جماهيره الوفية التي تستحق كل خير. رحلة الأهلي مستمرة، والطموح لا يتوقف، والمجد القادم يبدو في الأفق.
اكتشف المزيد عن تاريخ وإنجازات النادي الأهلي السعودي